ناهد قرناص : دي المدنية الدايرنها

0

صورة جاكلين كينيدي وهي تحاول القفز من السيارة بعد لحظات من اغتيال زوجها ..كانت من أكثر الصور التي جابت الدنيا طولاً وعرضاً مع الكثير من (شيل الحال) ..وكم لا يستهان به من السخط على تلك السيدة التي لم تمكث دقائق لترى ما حدث لزوجها ..السيدة كينيدي عانت الامرين في توضيح انها لم تحاول الهرب ..ولكنها كانت مذعورة من صوت الرصاص ..وتطاير مخ زوجها الى المقعد الخلفي فكانت تلك الصورة المشؤومة . ..الشاهد في الامر ..ان الشخصية العامة دائماً تصرفاتها تحت المجهر وعرضة للانتقاد ..رغم ان التصرف الطبيعي للانسان في لحظات الخطر هو الهروب ..وليس هناك فرق بين مشهور او مغمور ..وكلنا (أولاد تسعة).

عقب المحاولة الفاشلة لاغتيال الدكتور حمدوك (حمد الله ألف على السلامة).. كتبت زوجته على صفحتها الاسفيرية مقالة لطيفة عبرت فيها عن فرحتها بنجاته ..وبين سطور المقال أطلت نسمات خفيفة من المحبة والود الذي رافق رحلتهما كزوجين ..لا أعتقد ان الدكتورة منى كانت تتوقع ذلك التفحيص والتمحيص لما كتبته ..فقد شرق الناس وغربوا ..اضافوا وحذفوا ..منهم من استحسن ومنهم من استاء ..لكن أغلبهم توقف فاغراً مندهشاً من امرأة تكتب خطاباً تعلن عن حبها لزوجها ..فالسيدة منى أتت بما تستطعه الأوائل، فقد أتى على المرأة السودانية حين من الدهر ..ان بلغ بها الحب مبلغه لزوجها .فغاية تعبيرها هو ان تطبخ له ( بامية مفروكة بالسلج) ..و(ترمي كم قراصة حارة) ..ولو أسعفها الوقت ..حتلقى في جلي بالموز في التلاجة.

كتبت الدكتورة منى عن حياتها مع زوجها رئيس الوزراء ..وفتحت لنا (طاقة ) محبة ..ودربا كناً نظنه عصياً ..ولطالما سألت وتساءلت ما الذي يجعل التعبير عن المشاعر الانسانية أقرب الى التحريم بعد الزواج ؟ ولماذا يستنكر المجتمع السوداني على النساء ابداء مشاعرهن تجاه أزواجهن ؟ والأمر ذاته ينطبق على الرجال ..تجده يدبج عبارات المحبة لنساء الأرض قاطبة ..الا تلك التي تقبع في انتظاره آخر اليوم وهي تقضي وقتها ما بين حلة الى طوة وبالعكس.

أذكر انني قرأت بين طيات الأسافير (بوست) لرجل قال انه كان بين اصحابه وطرحت فكرة الزواج الثاني (الموضوع المفضل طبعاً) بدأوا في استحسان الفكرة ..وكل منهم يضرب الامثال بفلان الذي تزوج مرة أو مرتين ..وهكذا ..كان أحدهم صامتاً ..فلكزه آخر ..وسأله و(انت ما عندك نية تدبل ؟؟) كان رد ذلك الصديق هادئا (لا والله انا مكتفي بي زوجتي ) ..قال صاحب البوست انهم سكتوا جميعاً ..فقد كان اول سوداني يقول هذا الحديث على الملأ ..استطرد الصديق قائلاً: (والله الحمد لله انسانة ممتازة ..مهتمة بنفسها وبيتها وراقية في حديثها وعلاقتها بأهلي ممتازة ..البخليني أمش أعاين لي واحدة تاني شنو ؟) ..الكاتب قال انهم صمتوا جميعاً ومن ثم صار كل واحد منهم يذكر محاسن زوجته ووقفتها معه منذ البدايات ..واهتمامها بأطفاله وحرصها على نجاحهم ..وأنهى كلامه قائلاً.. لماذا جبلنا على رؤية الجانب الفارغ من الكوب دائماً..؟
كلمات دكتورة منى ..وحديث ذلك الصديق الاسفيري ..جعلني أضع يدي على الجرح تماماً ..هذا الجفاف العاطفي الذي توارثناه جيلاً بعد جيل ..كان لابد لأحد ان يأخذ بمعوله ويكسر الجمود ..وكانت منى حمدوك هي الفاعلة ..أيها الناس .. نحن معشر النساء بشر من لحم ودم وقلوب تحس وتشعر ..والمشاعر الانسانية تغشى جميع القلوب ..حتى أولئك الذين يتقلدون الوظائف العامة ..لذلك يا دكتورة ..اكتبي كلما سنحت لك الفرصة ..لنا وله وللجميع .أكتبي انت وكل من تسول لها نفسها ممارسة خطيئة الكتابة عن محبة الأزواج ..أكتبن ولا تخشين في ذلك لومة لائم ..وووو (انت المهم ..والناس جميع ماااا تهمني ).

الجريدة

Leave A Reply

Your email address will not be published.

سبعة − 2 =