الجدة ملاذ آمن للأبناء و مساعد تربوي للأمهات في الغربة

0

يجتهد الآباء والأمهات في تمرير قواعد احترام الأبوين وما هو مسموح وممنوع، لكن ربما لا يتوفر في الغربة نموذج “التربية القدوة”، التي يأخذ منها الأبناء ما يأخذون ويتركون ما لا يحتملون.

من ناحية أخرى، تمثل الجدات ملاذا آمنا للأطفال حينما تغضب الأمهات أو تنفعل، هنا يلجأ الأحفاد لجداتهم طالبين التدخل لحمايتهم أو التوسط للموافقة على طلباتهم.

مصدر تربوي محايد
تقول أميرة (30 عاما) للجزيرة نت “حينما جاءت أمي لزيارتي في الدولة التي أعيش فيها أنا وأولادي وزوجي، شعرت بأنني أفتقد الكثير بسبب عدم وجود أبوي حولي”.

توضح أميرة قائلة “كانت أمي تنصح أبنائي دائما بأهمية الاستماع لي، لأنهم لن يجدوا شخصا آخر يخاف عليهم مثلي. كانت تقول لابنتي إنها يجب أن تساعدني في المنزل، ويجب أن يكون لها دور فعال في الأسرة كأن تصادق أختها الأصغر، ولا تعتمد علي في كل شيء”، تقول أميرة، “حينما جاءت النصائح هذه المرة من مصدر محايد كان الأمر مختلفا تماما، فقد استمع الأبناء وشعروا بأهمية ما يقال”.

الملاذ الآمن
يتقبل الأبناء من الجدة ما لا يتقبلونه من غيرها، ومن خلالها يمكن تمرير كثير من المفاهيم والقواعد التربوية، إذ تقول دعاء (40 عاما) “حينما عدت من السفر، ظل ابني الكبير -9 سنوات- يصر على أن اتصل بجدته ليحادثها ويشكوني إليها كلما اختلفنا في الرأي”.

وتضيف “أثناء إقامتي مع أهلي أثناء إجازتي، كانت والدتي تدلل تارة وتنصح تارة أخرى، وكلما ضايقته كانت أمي تدافع عنه بنهري عن معاملته بهذا الشكل فقد كبر ويجب أن أحترم رغباته”.

أحيانا يكون للجدات وجهة نظر أعمق في مشاهداتها اليومية لكيفية تربية ابنتها لأحفادها. وهذا ما توافق عليه بشدة سميرة (38 عاما) التي تعيش في إحدى الدول العربية بعيدا عن أهلها.

تقول سميرة “أحيانا تأتي نصيحة أمي لي فيما يتعلق بتربية أولادي كالماء البارد الذي يثلج صدري، أو كالنور الذي يضيء ظلمتي، فكثيرا ما تنصحني بأن أهدأ قليلا مع أبنائي، وأن أصادق ابنتي التي على مشارف المراهقة. وأن أهتم ببعض الأمور التي لا أنتبه لها، الحقيقة أن ملاحظاتها تكون دقيقة، وفي محلها دائما، وعادة لا أنتبه لها بسبب الانشغال اليومي والانفعال المتزايد بسبب طلبات الأولاد والمنزل والزوج”.

أطفال الغربة
من وجهة نظر الأحفاد في الغربة، فإن وجود الجدود بجوارهم يمثل مأوى آمنا وبديلا لهم عن الأبوين المنشغلين في العمل. تقول رباب (27 عاما) “أحببت بشدة حينما أخذت أمي تحكي لأولادي عن طفولتي وتميزي في الدراسة واجتهادي المتواصل، ومساعدتي لها بالمنزل ومدى وعي وثقتي في نفسي، لقد شعرت بفخر كبير أمام أبنائي حتى أن نظرتهم لي قد تغيرت، كأنهم كانوا أصبحوا يرونني لأول مرة”.)

أهمية الجدات
بصرف النظر عن شكوى بعض الآباء من تدخل الجدات الزائد في تربية أبنائهم، فإن العديد من الدراسات تؤكد أهمية مشاركة الجدات في عملية التربية، فقد أظهرت دراسة قامت بها البروفيسورة آن بوكانان من جامعة أوكسفورد، وشملت أكثر من 1500 طفل، أن أولئك الذين يشارك جدودهم في تربيتهم بشكل كبير، لديهم مشاكل عاطفية وسلوكية أقل. كما أظهرت الأبحاث أن مشاركة الجدود في تربية الأحفاد يزيد من رفاهية الأطفال.

كما أظهرت دراسة لعالمة نفس الأطفال، بولجان فلاندر عام 2004 أن الارتباط العاطفي للأحفاد بجدودهم يحتل المرتبة الثانية بعد ارتباطهم بوالديهم، باعتبارهم الأقوى في علاقتهم العاطفية بالأطفال.

وتؤكد فلاندر، مديرة مركز حماية الطفل في العاصمة الكرواتية “زغرب”، في مقال لها بعنوان “دور الأجداد في تنشئة أحفادهم-مساعدو الآباء”، يمكن أن يؤثر الأجداد على تطور أحفادهم في عدة جوانب، فالأجداد هم صلة الأبناء بالماضي، حينما يتحدثون عن تجربتهم الخاصة، وينقلون المعرفة إلى الأطفال، وهذا يساعد الطفل في بناء هويته أو شعوره بالانتماء.

كذلك ينقل الأجداد في كثير من الأحيان المعرفة حول العادات والثقافة في وقتهم، عن طريق سرد القصص، والحديث عن شجرة العائلة، ومن ثم مساعدة الأطفال على فهم أصولهم وتاريخ عائلاتهم.

الأجداد هم مصدر للحب والدعم غير المشروط، وهذا يفيد الأطفال بشكل كبير في تنمية احترامهم لذاتهم، كما يمكن أن يكون الأجداد مصدرا للاستقرار والسلامة من خلال تقديم المشورة في المواقف المختلفة.

وتؤكد فلاندر أنه يجب أن يتيح الأبوان مساحة لمشاركة الأجداد في تربية الأبناء حتى لو كان ذلك عن بعد، حيث يمكن الحفاظ على لقاء عائلي ثابت أسبوعيا بين الأطفال وجدودهم، من خلال استخدام وسائل التواصل التفاعلي الجديدة.

المصدر : الجزيرة

Leave A Reply

Your email address will not be published.

1 × أربعة =